الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان
خطبة عظيمة كُلُّهَا أَمْثَالٌ وَحِكَمٌ لِلنَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:فَبَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَأَوْثَقَ العُرَى كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَخَيْرَ المِلَلِ مِلّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَخَيْرُ السُّنَنِ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ، وَأَشْرَفُ الحَدِيثِ ذِكْر اللهِ، وَأَحْسَنَ القَصَصَ هَذَا القُرْآنُ، وَخَيْرَ الأُمُورِ عَوَازِمُهَا وَشَرَّ الأُموُرِ مُحْدَثَاتُهَا، وَأَحْسَنَ الهَدْي هُدْىُ الأَنْبِيَاءِ، وَأَشْرَفُ المَوْتِ قَتْلُ الشَّهِيدِ، وَأَعْمَى العَمَى الضَّلالَةُ بَعْدَ الهُدَى، وَخَيْرُ العِلْمِ مَا نَفَعَ، وَخَيْرُ الهَدى ما اتُّبِعَ، وَشَرَّ العَمَى عَمَى القَلْبِ، وَإليدِ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ إليدِ السُّفْلَى، وَمَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مَمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى، وَشَرَّ المَعْذِرَةِ حِينَ يَحْضُر المَوْتُ، وَشَرَّ النَّدَامَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمِنْ النَّاسَ مَنْ لا يَأتِي الصَّلاةَ إلا دُبُرًا، ومِنْهُمْ مَنْ لا يذكُرُ اللهَ إِلا هَجْرًا، وَأَعْظَمُ الخَطَايَا اللِّسَانُ الكَذُوبُ، وَخَيْرُ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَخَيْرُ الزَّادِ التَّقْوَى، وَرَأْسُ الحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ، وَخَيْرُ مَا وَقَرَ فِي القَلْبِ اليقين، وَالارْتِيَابُ مِنَ الكُفْرِ، وَالنِّيَاحَةُ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ، وَالغُلُولُ مِنْ جُثَا جَهَنَّم، وَالكَنْزُ كَيٌّ مِنَ النَّارِ، وَالشِّعْرُ مِنْ مَزَامِيرِ إِبْلِيسَ، وَالخَمْرُ جِمَاعُ الإِثْمِ، وَالنِّسَاءُ حِبَالَةُ الشَّيْطَانِ، وَالشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الجُنُونِ، وَشَرُّ المَكَاسِبِ كَسْبُ الرِّبَا، وَشَرُّ المَآكِلِ مَالُ إلِيتمِ، وَالسَّعِيدُ مِنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ أَحَدُكم إِلَى مَوْضِعِ أَرْبَعَةِ أَذْرُع، وَالأمْرُ بِآخِرِهِ، وَمَلاكُ العَمَل خَوَاتِمُه، وَسِبَابُ المُؤْمِنُ فُسوقٌ، وَقِتُالُ المُؤْمِنُ كُفْرٌ، وَأَكْلُ لَحْمِهِ مَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَحُرْمَةُ مَاله كَحُرْمَةِ دَمِهِ، وَمَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللهِ يُكْذِبْهُ، وَمَنْ يَغْفِرْ يَغْفِرْ اللهُ لَهُ، وَمَنْ يَعْفُ يَعْفُ اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ يَكْظِمْ الغَيْظَ يَأْجُرْهُ اللهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ عَلَى الرَّزِيَّةِ يُعَوِّضْهُ اللهُ، وَمَنْ يَتْبَعْ السُّمْعَةَ يُسَمِّعُ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُضْعِفُ اللهُ لَهُ، وَمَنْ يَعْصِ اللهُ يُعَذِّبْهُ اللهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلأُمَّتِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلأُمَّتِي، أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ». انْتَهَى. اللَّهُمَّ افْتَحْ لِدُعَائِنَا بَابَ القَبُولِ والإِجَابَةِ، وَوَفِّقْنَا لِلتَّوْبَة النَّصُوحِ وَالإِنَابَةِ وَثَبَّتْ مَحَبَّتكَ في قُلُوبِنَا تَثْبِيتَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ وَألْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَثَبِّتْنَا عَلَى قَوْلِكَ الثَّابِتَ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ العُظْمَى المَسِيحُ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَنُزُولهُ ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، أَمَّا الكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} أي ليُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِ عِيسِى، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ آخِرَ الزَّمَانِ، حَتَّى تَكُونَ المِلَّةُ وَاحِدَةٌ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.وَأَمَّا السُّنَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً فَيَكْسِرَ الصليبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».وَأَمَّا الإِجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى نُزُولِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ انْعَقَد الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ يَنْزِلُ وَيَحْكُمُ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ المُحَمَّدِيَّةِ.وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَنْزِلَ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ، ثُمَّ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِمَامًا عَادِلاً وَحَكَمًا مُقْسِطًا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو يَعْلَى.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: يَمْكُثُ عِيسَى أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفّى وَيُصلى عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ، وَيُدْفَنُ عِنْدَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيُهِلَّنَّ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ بالحَجِّ أَوْ العُمْرَةِ أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا جَمِيعًا»، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَإِنِّي أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابِنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، عَلَيْهِ ثَوْبَان مُمَصِّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيَدُقُّ الصليبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيدعو الناس إلى الإسلام، ويُهْلِكَ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إلاَّ الإِسْلامِ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، ثُمَّ تَقَعُ الأَماَنَةُ على الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِل، وَالنِّمارُ مَعَ البَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لا تَضُرُّهُمْ» الحَدِيث.وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ العُظْمَى خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ، أَمَّا الكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثُ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُوحَي إِلَى عِيسَى بنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ قَتْلِهِ لِلدَجَّال: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَاءٌ، وَيَحْصُرونَُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ».وَقَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مَنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَةُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَنُزُولُ عِيسَى بنِ مَرْيَمَ، وَثَلاثَةُ خُسُوفَاتٍ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ» الحَدِيث، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَة مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بنِ أُسَيْدٍ، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ وَذَكَرَ فِيهِ: «خَسْفٌ بِالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ».وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيُحَجَّنَّ هَذَا البَيْتَ وَليُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجٌ». أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ.وَمِنَ العَلامَاتِ العُظْمَى هَدْمُ الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ. أَخْرَجَ البُخَارِيّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ»، وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما نَحْوَهُ وَزَادَ: «وَيَسْلِبُهَا حُلِيَّهَا، وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا، فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ أُفَيْدِعَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ أَوْ مِعْوَلِهِ»، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إليه- يَعْنِي ذَا السُّوَيْقَتَيْنِ- أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا» يَعْنِي الكَعْبَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْرُجُ ذُو السَّوَيْقَتَيْنِ عَلَى الكَعْبَةِ»، قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «فَيَهْدِمُهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ.وَرَوَى البَزَّارُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى لا يُحَجَّ البَيْتُ».وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ العُظْمَى: الدُّخَانُ، قَالَ العُلَمَاءُ: آيَةُ الدُّخَانُ ثَابِتَةٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَالحَسَنُ وَزَيْدُ بنُ عَلِيّ رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى: هُوَ دُخَانٌ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ يَدْخُلُ فِي أَسْمَاعِ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ، وَيَعْتَرِي المُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، وَتَكُونُ الأَرْضُ كُلُّهَا كَبَيْتٍ أَوْقِدَ فِيهِ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: السَّاعَة يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا فِيهَا آيَاتٍ» فَذَكَرَ مِنْهَا الدُّخَانُ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَابْنُ مَاجَة، وَأَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وِفِي حِدِيثِ حُذَيْفَةَ بنِ إليمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ دُخَانَا يَمْلأ مَا بَيْنَ المَشْرِقَ وَالمَغْرِبِ، يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَأَمَّا المُؤْمِنُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ شِبْهُ الزّكَامِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ السَّكْرَانِ يَخْرُجُ الدُّخَانُ مِنْ فِيهِ وَمِنْخَرِيهِ، وَعَيْنَيْهِ وَأُذَنَيْهِ وَدُبُرِهِ». رَوَاهُ الطَّبَرَانِي.وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ العُظْمَى رَفْعُ القُرْآنِ العَظِيمُ مِنَ الصُّدُورِ وَالسُّطُورِ، وَهِيَ مِنْ أَشَدِّ مُعْضِلاتِ الأُمُورِ، فَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «يُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ لَيْلاً فَيُصْبِحُ النَّاسُ وَلَيْسَ مَنْهُ آيَةٌ وَلا حَرْفٌ فِي جُوْفٍ إِلا نُسِخَتْ»، وَعِنْدَ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «لا تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَرْجِعَ القُرْآنُ مِنْ حَيْثُ جَاءَ، لَهُ دَوِيٌّ حَوْلَ العَرْشِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا لكَ؟ فَيَقُولُ: مِنْكَ خَرَجْتُ وَإليك أَعُودُ، أُتْلَى فَلا يُعْمَلُ بِي»، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَة مِنْ َحَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مرفوعًا: «يَدْرَسُ الإِسْلامُ حَتَّى لا يَدْرُونَ مَا صِيَامٌ وَلا صَلاةٌ وَلا نُسُكٌ وَلا صَدَقَةٌ، وَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ فِي لَيْلَةٍ فَلا يَبْقَى فِي الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ».فَعَلَيْكَ يَا أَخِي بِالإكثار مِنْ تَلاوَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَع. آخر: اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا وَفَّقْتَ إليه القَوْم وَأَيْقِظْنَا مِنْ سِنَةِ الغَفْلَةِ وَالنَّوْم وَارْزُقْنَا الاسْتِعْدَادَ لِذَلِكَ اليوم الذِي يَرْبَحُ فِيهِ الْمُتَّقُونَ، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِإحْسَانِكَ وَجُدْ عَلَيْنَا بِفَضْلِكَ وَامْتِنَانِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ ذُلَّنَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَاجْعَلْ رَغْبَتَنَا فِيمَا لَدَيْكَ وَلا تَحْرِمْنَا بِذُنُوبِنَا، وَلا تَطْرُدْنَا بِعُيوبِنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.فصل:وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. قَالَ العُلَمَاءُ رَحِمَهُمْ اللهُ: طُلُوع الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً}.إِذَا فَهِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ، مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلَمٌ فِي صَحِيحِه عَنْ عَبْدُ اللهِ بنِ عَمْرُو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ الدَّابَةِ عَلَى النَّاسِ ضُحَى، وَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالأُخْرَى عَلَى أَثَرِهُا قَرِيبًا مِنْهَا»، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرِّ الغَفَارِيّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا: «أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ الشَّمْسُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ العَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلَعِهَا تَجْرِي لا يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَلِكَ تَحْتَ العَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي ارْتَفِعِي، أصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا»، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «أَتَدْرُونَ مَتَى ذَلِكُمْ؟ حِينَ: {لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ}» الآيَة.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلَعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا جَمِيعًا، فَذَلِكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا». أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ.وَعَنْ صَفْوَانَ بنِ عَسَّالٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبَ الشَّمْسِ بَابًا مَفْتُوحًا عَرْضُهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَلا يَزَالُ ذَلِكَ مَفتُوحًا لِلتَّوْبَةِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ فَإِذَا طَلَعَتْ مِنْ نَحْوِهِ: {لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً}» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَة.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعِينَ، فَذَلِكَ حِينَ: {لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ}» فَقَرَأَ الآيةَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.وَالمَقْصُودُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ قَبْلُ أَنْ يَأْتِي بَعْضُ الآيَاتِ لا يَنْفَعُهُ إِيمَانُهُ إِنْ آمَنَ بَعْدَ إِتْيَانِهَا، وَلا يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ المُقَصِّرِ أَنْ يُزَادَ خَيْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ يَنْفَعُه مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الإيمَانِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنَ الخَيْرِ المَوْجُودِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِي بَعْضُ الآيَاتِ وَالحِكْمَةُ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ الإيمَانُ يَنْفَعُ إِذَا كَانَ بِالْغَيْبِ وَكَانَ اخْتِيَارًا مِنَ العَبْدِ، فَأَمَّا بَعْدَ وُجُودِ الآيَاتِ فَيَصِيرُ الأمْرُ شَهَادَةً، وَلَمْ يَبْقَ لِلإيْمَانِ فَائِدَةٌ لأَنَّهُ يُشْبِهُ الإيمَانَ الضَّرُورَيّ وَلِهَذَا لَمَّا أَدْرَكَ فِرْعَوْنَ الغَرَقُ، وَجَزَمَ بِالهَلاكِ {قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا أَنَّ هَذَا الإيمَانَ فِي هَذِهِ الحَالَةِ غَيْرُ ناَفِع: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} وَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ أَمْثَالِ فِرْعَوْنِ مِمَّنْ عَايَنُوا بِأسَ اللهِ وَأَدْرَكُوا الغُرُورَ وَاعْتَرَفُوا بِمَا كَانُوا يُْنِكرُونَ، وَأَقَّرُوا بِوْحَدَانِيَّةِ اللهِ، وَكَفَرُوا بِشُرَكَائِهِم مِنْ دُونِهِ، وَلَكِن الأَوَانَ كَانَ قَدْ فَاتَ: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} ذَلِكَ أَنَّ سُنَّةَ اللهِ قَدْ جَرَتْ عَلَى أَنْ لا تُقْبَلَ التَّوْبَةُ بَعْدَ ظُهُورِ بَأْسِ اللهِ فَهِيَ تَوْبَةُ فَزَعٍ وَخَوْفٍ، لا تَوْبَةُ إِيمَانٍ صَحِيحٍ. وَهَذِهِ سُنَّةُ اللهِ فِي جَمِيعِ الكُفَّارِ، إِذَا وَصَلُوا إِلَى هَذِهِ الحَالَةِ الاضْطِرَارِيَّةِ أَنَّهُ لا يَنْفَعُهُمْ الإيمَانُ، لأَنَّ إِيمَانَهُم صَارَ مُشَاهِدًا كَإِيمَانِ الوَارِدِينَ عَلَى القِيَامَةِ، وَالذِي يَنْفَعُ الإيمَانُ بِالغَيْبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} فَالشَّأْنُ فِي الإيمَانُ بِالغَيْبِ الذِي لَمْ يُرَ وَلَمْ يُشَاهَدْ وَإِنَّمَا نُؤْمِنُ بِهِ لِخَبَرِ اللهِ وَخَبَرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فَعَنْ أَبِي العَإليةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}، قَالَ: يُؤْمِنُونُ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليوم الآخِرِ، وَجَنَّتِهِ وَنَارِهِ، وَلِقَائِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِالحَيَاةِ بَعْدَ المَوْتِ، وَبِالبَعْثِ فَهَذَا غَيْبٌ كُلُّهُ. اهـ. قَالَ فِي لَوَائِحَ الأَنَوْارَ: فَيَتَخَلَّصُ مِنْ مَجْمُوعِ الأَحَادِيثِ المَذْكُورَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا هُوَ مُسَطَّرٌ فِي الدُّرِّ المَنْثُورِ لِلسُّيُوطِي: أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا لا يَنْفَعُ الإيمَانُ المُحْدَثُ فِي ذَلِكَ اليوم لِمَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُشْرِكًا، وَلا التَّوْبَةِ المُحْدَثَةُ فِيهِ لِمَنْ كَانَ مُخَلِّطًا، وَلا أَعْمَالُ البِرِّ المُحْدَثَةِ فِيهِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْمَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ اليوم، وَأَمَّا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُؤْمِنًا فَإِنَّ الإِيمَانَ المُجَرَّدَ عَنِ الأَعْمَالِ السَّابِقَةِ عَلَى ذَلِكَ اليوم يَنْفَعُ صَاحِبَهُ، لأجْلِ نَجَاتِهِ وَإيمَانِهِ المُتَجَدِّدِ يَوْمَئِذٍ يَنْفَعُهُ أَيْضًا لأَنَّهُ نُورٌ عَلَى نُورٍ، وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ عَنْ سَيَّئَاتِهِ، وَأَنَّ الإيمَانَ السَّابِقَ مَعَ التَّخْلِيطِ يَنْفَعُهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التِي كَانَ يَعْمَلُهَا، وَإِنَّمَا المَمْنُوعُ قُبُولُ تَوْبَتِهِ عَنْ تَخْلِيطِهِ، وَقَبُولُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِهِ مِنَ الإيمَانِ وَأَعْمَالِ البَرِّ قَبْلَ ذَلِكَ اليوم، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلّ بِرٍّ مُحْدَثٍ يَكُونُ السَّبَبُ فِي إِحْدَاثِهِ رُؤْيَةَ الآيَةِ، وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلُهُ، لا يَنْفَعُ سَوَاءً كَانَ مِنَ الأُصُولِ أَوْ الفُرُوعِ، وَكُلُّ بِرٍّ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِكَوْنِ صَاحِبِهِ كَانَ عَامِلاً بِهِ قَبْلَ رُؤْيَةَ الآيَةِ يَنْفَعُ، وَهَذَا التَّحْقِيقُ نَبَّهَ عَلَى مِثْلِهِ الإِمَامُ المُحَقِّقُ العَلامَةُ ابْنُ مُفْلِح فِي الآدَابِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا طَبَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكَفَى النَّاسُ العَمَلُ»: ليْسَ المُرَادُ بِهَذَا الخَبَرِ تَرْكُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الفَرِائِضِ – أَيْ وَكَذَا مِنَ النَّوَافِلِ – قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ المَغْرِبِ، فَيَجِبُ الإِتْيَانِ بِمَا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الفَرَائِض قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَنْفَعُهُ مَا يَأتيْ بهِ مِنْ الإيْمَانِ الذِيْ كَانَ َيأتيْ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَفَى النَّاسَ العَمَلُ، أَيْ: عَمَلاً لَمْ يَكُونُوا يَعْمَلُونَهُ. وَحَكَى ابْنُ الجَوْزِي عَنِ الضَّحَاكِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ بَعْضُ الآيَاتِ وَهُوَ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ مَعَ إِيمَانِهِ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَبْلَ الآيَةِ. قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: فَالعَمَلُ الصَّالِحُ الذِي سَبَبَهُ ظُهُورُ الآيِةِ اضْطَرَّتْهُ إليه، وَأَمَّا مَا كَانَ يَعْمَلُهُ فَظُهُورُ الآيَةِ لا تَأْثِيرَ لَهَا فِيهِ، فَبَقِيَ الحُكْمُ كَمَا قَبْلَ الآيَةِ.اللَّهُمَّ قَوِ إِيمانَنَا بِكَ وبملائكتِكَ وَبِكُتُبِكَ وَبِرُسُلِكَ وباليوم الآخر وبالقدرِ خيرِه وشرِّهِ. اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلى قَولِكَ الثَّابِتِ في الحَياةِ الدُّنيا وَفي الآخِرَة، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ ثَبَّتْ مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَوَفَّقْنَا لِشُكْرَكَ وَذِكْرَكَ وَارْزُقْنَا التَّأَهُبَ وَالاسْتِعْدَادِ لِلقَائِكَ وَاجْعَلْ خَتَامَ صَحَائِفِنَا كَلِمَةَ التَّوْحِيدَ وَاغْفِرْ لَنَا.اللَّهُمَّ ثَبِّتْ مَحَبَّتَكَ وَمَحَبَّةِ كُتُبِكَ وَمَلائِكَتِكَ وَرُسُلِكَ وَأَوْلِيَائِكَ فِي قُلُوبِنَا ثُُبُوتِ الجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ وَنَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.فصل:وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا خُرُوجُ الدَّابَّةِ مِنَ الأَرْضِ، وَخُرُوجُهَا ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} وَهَذِهِ الدَّابَّة تَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ، وَتَرْكِهِمْ أَوَامِرَ اللهِ، وَتَبْدِيلِهِمْ الدِّينَ الحَقَّ وَتُكَلِّمَهُمْ، وَالدَّلِيلِ مَنَ السُّنَّةِ مَا وَرَدَ عَنْ حُذَيْفَةِ بنِ أُسَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ» فَذَكَرَ مِنْهَا الدَّابَّةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمُ.وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا» فَذَكَرَ: «وَدَابَّةَ الأَرْضِ». رَوَاهُ ابنُ مَاجَة، وَعَنْ طَلْحَةَ بنِ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ جَاءَ فِيهِ: قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ فَقَالَ: «لَهَا ثَلاثٌ خَرَجَاتٍ فِي الدَّهْرِ، فَتَخْرُجُ خَرْجَةً مِنْ أَقْصَى البَادِيَةِ، وَلا يَدْخُلُ ذِكْرُهَا القَرْيَةَ، أَعْنِي مَكَةَ، ثُمَّ تَكْمُنُ زَمَنًا طَوِيلاً، ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجَةً أُخْرَى دُونَ تِلْكَ، فَيَعْلُوا ذِكْرُهَا فِي أَهْلِ البَادِيَةِ، وَيَدْخُلُ ذِكْرُهَا القَرْيَةَ»، يَعْنِي مَكَة، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ بَيْنَمَا النَّاسُ فِي أَعْظَمِ المَسَاجِدِ وَأَكْرَمِهَا المَسْجِدِ الحَرَامِ، لَمْ يَرُعْهُم إِلا وَهِي تَرْغُوا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، تَنْفُضُ عَنْ رَأْسِهَا التُّرَابَ فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا شَتَّى وَمَعَا، وَتَثْبُتُ عِصَابَةٌ مِنْ المُؤْمِنِينَ وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُعْجِزُوا اللهَ، فَبَدَأَتْ بِهِمْ فَجَلَتْ وُجُوهَهُم حَتَّى جَعَلَتْهَا كَالْكَوْبِ الدُّرِيّ، وَوَلَّتْ فِي الأَرْضِ لا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ، وَلا يَنْجُو مِنْهَا هَارَبٌ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَعَوَّذُ مِنْهَا فِي الصَّلاةِ، فَتَأْتِيهُ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ: يَا فُلانُ الآنَ تُصلى، فَيُقْبلُ عَلَيْهَا فَتَسِمُه فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ تَنْطَلِقُ، وَيَشْتَرِكُ النَّاسُ فِي الأَمْوَالِ وَيَصْطَحِبُونَ فِي الأَمْصَارِ، يُعْرَفُ المُؤْمِنُ مِنَ الكَافِرِ، حَتَّى إِنَّ المُؤْمِنَ لِيَقُولَ: يَا كَافِرُ اقْضِنِي حَقِّي، وَحَتَّى إِنَّ الكَافِرَ يَقُولُ: يَا مُؤْمِنُ اقْضِنِي حَقِّي». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانُ، وَعَصَا مُوسَى بنِ عُمْرَانَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ، فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنُ بِالعَصَا، وَتَخْطِمُ أَنْفَ الكَافِر بِالخَاتَمِ، حَتَّى إَنَّ أَهْلَ الخِوَانِ لَيْجَتَمِعُونَ، فَيَقُولُ هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَيَقُولُ هَذَا: يَا كَافِرُ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَة، وَأَحْمَدُ.وَمِن عَلامَاتَ السَّاعَةِ خَرُوجُ النَّارِ التِي تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدْنِ تَحْشُرُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِم، تَبِيتُ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ حَيْثُ قَالُوا، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُحَشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ وَرَاهِبِينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاثَةٌ عَلَى بَعِيرِ، وَعَشْرَةٌ عَلَى بَعِير، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ حُذَيْفَةَ بنِ أُسَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ»، وَمِنْهَا: «نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ إليمَنِ تَطْرُدُ النَّاسُ إِلَى مَحْشَرِهِمْ». رَوَاهُ السِّتَّةُ إِلا البُخَارِيّ، وَعَنْ أَنْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أََنَّ عَبْدَ اللهِ بنِ سَلامَ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوَّلِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ. فَقَالَ: «نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، أَوْ مِنْ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ تَحْشُرُ النَّاسَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيّ.تَنْبِيه:وَرَدَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ السَّاعَةَ لا تَقُومُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَجِيءُ بَعْدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ رِيحٌ بَارِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلا تُبْقِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الإِيمَانِ إلا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبَدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلامِ السِّبَاعِ، لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُونَ مَا تَأْمُرَنَا؟ فَيَأْمُرَهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ فَيَعْبُدُونَهَا، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهم، حَسَنٌ عَيْشُهُم، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ». وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا، وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيثِ النَّوَاسِ بنِ سَمْعَانَ: «فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُ تَحْتَ آبَاطِهِم، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِن وَكُلَّ مُسْلِم، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الحُمُرِ» - أَيْ يَتَسَافَدُونَ تَسَافُدَ الحُمُرِ جَمْعُ حِمَار: «فَعَلَيْهِم تَقُومُ السَّاعَةُ».وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الحَاكِمْ: «أَنَّ اللهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ إليمَنِ ألينُ مِنَ الحرير فَلا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلا قَبَضَتْهُ».وَقَالَ السَّفَارِينِي نَاظِمًا لِلْعَلامَاتِ العِظَامِ، وَالأَشْرَاطِ الجِسَامِ التِي تَعْقِبُهَا السَّاعَةُ: وَقَالَ القَحْطَانِي: اللَّهُمَّ يَا مُصْلِحَ الصَّالِحِينَ أَصْلِحْ فَسَادَ قُلُوبِنَا واسْتُرْ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ عُيُوبَنَا وَاغْفِرْ بِعَفْوكَ وَرَحْمَتِكَ ذُنُوبَنَا وَهَبْ لَنَا مُوبِقَاتِ الْجَرَائِر واسترْ عَلَيْنَا فَاضِحَاتِ السَّرَائِر ولا تُخلِنَا في مَوْقَفِ الْقِيَامَةِ مِنْ بَرْدِ عَفْوِكَ وَغُفْرانِكَ وَلا تَتْرُكْنَا مِنْ جَمِيلِ صَفْحِكَ وَإحْسَانِكَ، وآتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخَرِةَ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّار، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
|